يبدأ نسيج التماسك الاجتماعي من الأسرة بوصفها اللبنة الأولى للبناء الحياتي والضبط المجتمعيّ؛ لأنَّها صورة مصغَّرة للمجتمع الذي سينخرط فيه الأبناء في المستقبل، ولذا من الواجب أن لا يكون هناك بونًا شاسعًا بين ما عليه الأبناء في داخل الأسرة والمجتمع المحيط بهم، وهذا على المستوى المثالي السليم، وأمَّا على مستوى ما نحن عليه الآن من تسرُّب كثيرٍ من المشاكل إلى مجتمعاتنا على النحو الذي يسمح بتكوُّن بونًا بين الأسر المنضبطة ذات الالتزام الدِّيني والأخلاقيّ والمجتمعات التي تعيش فيها، وهنا تتضاعف مسؤوليَّة الآباء والأمَّهات في الكيفيَّة التي يجعلون أبناءهم يحافظون على نمطهم التربويّ السليم من جانب والانسجام مع مجتمعهم بما فيه من مشاكل وانحرافات من جانبٍ آخر، ولمَّا كانت مجتمعاتنا إسلاميَّة فإنَّ دائرة الآباء تكون أوسع من دائرة الأمَّهات بوصفهم الأكثر احتكاكًا بالمجتمع بتفصيلاته كافَّة، وكذلك لما لهم من دورٍ في القوامة على الأسرة التي تتطلَّب منهم إدارتها ورعايتها وتدبير شؤونها، ومن أهمِّ شؤون الأسرة هو رعاية أبنائها وتنشئتهم على النمط السليم الذي يجعلهم قادرين على مواجهة الحياة ومشاكلها مع المحافظة على دينهم وأخلاقهم، ولا يخفى أنَّ لذلك أسسًا وقوانين تنظيميَّة، ولم نجد بعد الرسول محمَّد9 من نستلهم من خطابه تلك الأسس والقوانين خيرًا من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب7، واتِّخاذه مثالًا وقدوة في التنظيم الأسري ورعاية الأبناء وتربيتهم؛ لأنَّه باب مدينة العلم، والمثال في التطبيق لمقولات الإسلام وترجمانه إلى الواقع، ومن هنا قررنا دراسة خطاب أمير المؤمنين7 الأبوي واستنطاقه؛ بغية الوصول إلى قوانين ضابطة نستفيد منها في تنظيم أسرنا ورعاية أبنائنا، وبعد جمع المادَّة وجدناها في مستويين: الأوَّل يعمل على التنمية الدِّينيَّة وتنظيم علاقة الأبناء بخالقهم، والآخر يشتغل على تنظيم الشؤون الحياتيَّة وتنمية مهارات الأبناء في التنظيم الحياتي وصولًا بالمستويين كليهما إلى أبناء قادرين على تنظيم دنياهم ورعاية آخرتهم، والاندماج في مجتمعهم بوصفهم مناطق صلاح ومسارات تأثيرٍ نحو البناء السليم.
نویسنده(گان):
عمَّار حسن عبد الزهرة
چکیده:
کلیدواژه:
أمير المؤمنين علي7، الخطاب الأبوي، الأبناء، الأسرة